رام الله – سائد أبو فرحة: انقضت ثلاثة أعوام ونيف على تسلم مجلس بلدي رام الله الحالي مهام منصبه، ولا تزال تحدو القائمين عليه وتحديدا رئيسه عيسى قسيس، آمال وطموحات كبيرة، لتنفيذ مزيد من المشاريع، التي يتوقع أن يكون لها أثر بالغ على واقع المدينة ومستقبلها.
ولعل من أبرز المشاريع التي نفذها المجلس البلدي، وافتتحها مؤخرا، مشروع محطة التنقية (الصرف الصحي) المركزية، ووصلت كلفته إلى 24 مليون شيكل، مغطاة بالكامل من موازنة البلدية.
وتبعا لقسيس، فإن هذا المشروع وضع المجلس البلدي السابق لبناته الأولى، مضيفا "محطة التنقية الموجودة منذ سنوات كانت تستوعب نحو 2500 كوب يوميا، لكن مع سرعة نمو المدينة والزيادة الكبيرة على السكن والعمل فيها، زادت هذه النسبة لتصل إلى نحو 3100 كوب يوميا، بالتالي باتت هناك حاجة لمحطة جديدة، مع الأخذ بالاعتبار المتغيرات والاحتياجات التوسعية حتى العام 2040".
وقال: هذا أحد أكبر المشاريع المنفذة من قبلنا، وتصل قدرته الاستيعابية إلى زهاء 5000 كوب يوميا، ولم نغفل العمل على تكرير المياه العادمة لاستخدامها في الري، من هنا زادت المساحات الخضراء في رام الله.
وتابع: استثمرنا في المياه المكررة، وكبرنا الشبكة، ونجحنا في زيادة المياه المتاحة للزراعة، ما اقترن بتمكننا من تنظيف الأدوية، انسجاما مع وعودنا بالخلاص من المياه العادمة المتدفقة في الوادي، ونحن سعداء لكون لا توجد مجاري تخرج من المحطة للوادي المقامة فيه المحطة.
وبعد الانتهاء من إنجاز المحطة وتوجد في منطقة الوادي، الواقع ما بين ضاحيتي الطيرة والريحان، قررت البلدية استكمال شبك كافة البيوت والبنايات بشبكة الصرف الصحي، بالتالي تمت إضافة 600 منزل أو موقع إليها، وبذلك فإن كافة مباني المدينة مربوطة بشبكة الصرف الصحي، علما أن هذه العملية "الشبك"، بلغت كلفتها 5ر8 مليون شيكل.
وبموازاة مشروع المحطة الجديدة، عمد المجلس البلدي إلى البدء في المرحلة الثانية من مشروع الطرق الرابطة، وينفذ أيضا بدعم من جمهورية الصين الشعبية، ويصل ما بين ميدان العودة والمفترق المؤدي إلى ضاحية الريحان بطول 2.7 كيلو متر، وبكلفة ثلاثة ملايين دولار، علما أنه يتوقع أن ينجز هذا المشروع بحلول أيلول المقبل.
وذكر أنه في غضون شهر، ستبدأ البلدية بتأهيل أكبر شوارع رام الله، المعروف باسم شارع يافا.
ومن المشاريع الأخرى، مشروع "القرية الرياضية"، ويقام على مساحة 27 دونما وفق قسيس، حيث سيضم ملعبا "استاد" يتسع لـ2500 متفرج، وملعب خماسي يتسع لـ200 متفرج، وملعب "بادل" وتنس، ومناطق ترفيهية، ومساحات خضراء، وغيرها.
وسيقام هذا المشروع في المنطقة المحاذية لكلية مسقط على طريق الطيرة، والمعروف بـ "شارع هافانا" بكلفة 18 مليون شيكل مقدمة من البلدية، علما أنه سينجز أيضا خلال أيلول القادم.
كما أنجزت البلدية مؤخرا مشروع حاضنة "مكاني"، الذي يخدم الشبان الرياديين، فضلا عن مشروع "متحف المدينة"، بينما يتواصل العمل على متحف باسم الصحافية الشهيدة "شيرين أبو عاقلة"، الذي التزمت شبكة الجزيرة القطرية بتمويل إنشائه بقيمة خمسة ملايين دولار.
وحسب قسيس، تم إنجاز الخرائط، "ونحن في مرحلة إحالة العطاء لمتحف شيرين".
وأضاف: وقعنا اتفاقية مع مؤسسة النيزك لإنشاء متحف رام الله للعلوم، الذي سيقام على مساحة خمسة دونمات تقريبا على أرض مملوكة للبلدية، وحتى إنجاز هذا المشروع سنفتتح بعد أسبوع مختبر علوم بكلفة نحو ربع مليون دولار، والذي يشابه متحف العلوم، لكنه بمثابة نسخة مصغرة عنه ويوجد في منطقة الردانا.
وسيقام متحف العلوم في المنطقة الواقعة ما بين حيي الريحان والحي الدبلوماسي، وذلك في إطار رؤية رئاسة البلدية لتوسعة المدينة في الجهة الغربية.
وقال: أشعر أن هذا المشروع الحيوي سيستكمل خلال فترة المجلس البلدي القادم، والهدف منه أسوة بما هو قائم في بلدان كثيرة، هو تعريف الأجيال الصاعدة بـ، وتسليط الضوء بشكل أكبر على العلوم والتكنولوجيا، فهو بلا شك متحف تعليمي تفاعلي ويستقطب الشريحة العمرية (14-19 عاما)، وهي مرحلة عمرية مهمة. بالإمكان القول أنه تتشكل فيها الشخصية الريادية بنكهة تكنولوجية.
واستدرك: هذا الأمر لا يتم إسقاطه بشكل فوقي، من هنا ارتأى المجلس البلدي الاستثمار فيما يعرف بمختبرات (STEM) في المدارس، وتعنى بعدة علوم مثل الرياضيات والفيزياء وغيرهما، فعندما يتم تأهيل الطلبة في هذا المجال، تصبح نظرتهم لمتحف العلوم مرورا بمختبر العلوم نظرة فيها تقدير أكبر، وتحمل آفاقا واعدة على صعيد تنمية الاهتمام بالنواحي المعرفية والعلمية.
وقد تم التواصل مع جمهورية كوريا عبر مجلس الوزراء، لتجنيد تمويل لهذا المشروع المقرر إقامته على مساحة 8 دونمات في منطقة "الجهير"، ولإنشاء أكاديمية للذكاء الاصطناعي.
وعن ذلك قال قسيس: الأكاديمية مع المتحف والمختبر، ومختبرات (STEM)، تعني الاستثمار في المستقبل، وإعداد جيل أو اثنين في غضون نحو عقدين من الزمن سيكون لديهم نظرة مختلفة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتطور.
وتبلغ كلفة إنشاء الأكاديمية نحو 20 مليون دولار مقدمة من كوريا تبعا لقسيس، الذي قدر كلفة المتحف بما لا يقل عن 10 ملايين من الدولارات، علما أن مدة إنجاز المشروعين في حال توفير التمويل، تصل إلى زهاء أربعة أعوام.
على صعيد آخر، فقد نشط المجلس البلدي على صعيد تأهيل الشوارع، وإن لم ينجح بعد في حل مشكلة السير في رام الله.
وقال قسيس: حاولنا بقدر الإمكان التغلب على هذه المعضلة، لكن ذلك يستدعي عملا مضنيا وتعاونا بين كافة الأطراف.
كما عمل المجلس البلدي على تكريس شراكات مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع استثمارية، فضلا عن إدماج الرقمنة "التكنولوجيا" في العمل البلدي وتسريعه، من هنا مثلا، تم توقيع اتفاقية مع نقابة المهندسين-مركز القدس، بحيث يصار إلى إرسال الخرائط الكترونيا وليس ورقيا.
وقال: توسعنا بشكل كبير في مجال الدفع الالكتروني لالتزامات المواطنين نحو البلدية، وقد كانت نسبتها تصل سابقا إلى 16%، لتصل إلى 64% في أحدث نسخة، كما أننا أتحنا للمواطنين دفع شتى الرسوم وهم في منازلهم من خلال الصفحة الالكترونية للبلدية، وقد كان القطاع المصرفي داعما ومعينا لنا على هذا الصعيد.
وقال: نحن نتطلع مستقبلا إلى التمكن من إعلان رام الله خالية من المال النقدي، والاستعاضة عنه بالدفع الالكتروني، لكننا ندرك أن هذا تحد كبير.
وفي مجال البيئة، تم العمل على مبادرة "تبني شارع"، بالشراكة مع هيئات من القطاع الخاص، من بنوك وشركات تأمين وغيرها، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقات على هذا الصعيد.
وقد كرست البلدية مبادرة "شركاء البلدية"، وهو ائتلاف يضم نحو 34 شريكا، لتمويل أنشطة البلدية السنوية وتصل في الوضع الطبيعي إلى نحو 20 فعالية.
وقال قسيس: نجحنا عبر هذه المبادرة في جمع نحو 350 ألف دولار، وهذا جانب من حرص المجلس البلدي منذ البدايات على الانفتاح على القطاع الخاص، وفتح مجالا لآفاق أكبر في العمل، ونأمل أن نتمكن من مزيد من التوسع والتعاون في هذا المضمار.
كما لفت إلى مشروع تنمية المنطقة التي تضم محطة التنقية القديمة في المنطقة الصناعية، حيث توجد أرض للبلدية مساحتها 65 دونما، بالتالي تم إعداد خطة لتحويلها لمنطقة تطوير، بما يشمل مثلا إقامة دينمومتر تابع للبلدية، ودائرة ترخيص، وقد حصلت البلدية على موافقة وزارة النقل والمواصلات على هذا الأمر، على أن تتواجد فيها أيضا فروع لبنوك وشركات تأمين، علاوة على مخزن للسيارات غير المجمركة.
وقال: نعمل على تحضير قطعة أرض، لتكون مكان تخزين لصالح الشركات الكبرى في المنطقة ذاتها، كما عرضنا نحو 22 من أراضي البلدية التي لا توجد خطط قريبة لاستغلالها، لاستثمارها مع القطاع الخاص، ونحن بصدد توقيع اتفاقات مع بعض المستثمرين بهذا الصدد، وهذه المشاريع ستكون ذات طابع سياحي واجتماعي.
وبين أنه سيتم تخصيص قطعة أرض مساحتها نحو أربعة دونمات، تقع بالقرب من المنطقة الصناعية، سيتم نصب خيمة كبيرة عليها تتسع لـ2000 شخص، لتحتضن فعاليات من قبيل معارض، أو أنشطة اجتماعية، وغيرها، مضيفا "طرح علينا البعض إنشاء حديقة حيوانات صغيرة، وقبلنا المقترح".
وقال: المشاريع التي أنجزناها تفوق موازنتنا، بالتالي اضطررنا للاقتراض من البنوك حوالي 40 مليون شيكل، لأن الحكومة لم تكن تدفع ضريبة الأملاك لنا في أعوام 2020، و2021، و2022، وإذا ما أضيف لذلك الأموال التي نريدها من الحكومة مقابل الخدمات البلدية لمؤسسات منظمة التحرير والمؤسسات الحكومية وتصل إلى 17 مليون شيكل، وكلفة النقل على الطرق وتصل إلى ثلاثة ملايين شيكل، ومثلها مقابل رخص المهن، عدا ضريبة أملاك ومعارف مجمعة بقيمة تتراوح ما بين 43-45 مليون شيكل، فإننا نتحدث عن مبلغ 67 مليون شيكل، علما أن موازنة البلدية تصل إلى نحو 100 مليون شيكل سنويا.
وتابع: البلدية نشطة ولديها طموح كبير، لكنه مدروس، فنحن لا نأخذ قروضا وندفعها للرواتب، بل لإنجاز مشاريع تعود بالنفع على المدينة، وتزيد فرص العمل والاستثمار فيها.
وحول التحديات التي تواجه المجلس البلدي، أشار إلى الاحتلال بممارساته المختلفة، مضيفا "نحن بحاجة مثلا إلى ترحيل ما معدله 100 طن من النفايات يوميا، إلى مكب زهرة الفنجان جنوب جنين، لكن إذا أغلقت الحواجز فإن ذلك سيشكل معضلة كبيرة".
وقال: الوضع السائد في الأراضي الفلسطينية، يسهم في تباطؤ عجلة النشاط الاقتصادي، عدا الحاجة لدعم مالي كبير لإنجاز مشاريع مثل مكب نفايات للمحافظة عوضا عن ترحيل النفايات إلى زهرة الفنجان.
وقال: نحن بحاجة إلى توسعة حدود المدينة، من هنا تقدم المجلس السابق بطلب لضم 4250 دونم للمخطط الهيكلي للمدينة تقع في المنطقة المصنفة (ج)، ومنذ تقديم هذا الطلب أواخر فترة ولاية المجلس السابق وحتى الآن، ونحن نراوح مكاننا بفعل الموقف الإسرائيلي.
وأردف: التحدي المادي يفرض نفسه علينا، وإن الحكومة الحالية ملتزمة بدفع مبلغ معين شهريا، لكنه غير كاف، بالتالي فإنه لا بد من التكامل مع القطاع الخاص، عبر عقد مزيد من الشراكات معه.
كما لفت إلى تحدي مشكلة السير، منوها إلى تطلع المجلس إلى إنجاز مشروع مواصلات عامة رغم صعوبة تنفيذه.
وقال: هذا مشروع ضخم بحاجة إلى 100 مليون دولار، بما يشمل جلب حافلات وإنشاء مواقف، إلى غير ذلك، وأنا على قناعة تامة بإمكانية إنجازه رغم كل شيء.
يذكر أن المجلس البلدي الحالي وقع اتفاقات توأمة مع مدن كثيرة حول العالم، كما ربح جائزة ياسر عرفات للتميز، والمركز الثاني ضمن الدول المشاركة في المؤتمر العالمي الحضري الذي أقيم في العاصمة المصرية القاهرة العام الماضي.